بقلم: خالد مشعل
طوال ثمانية عشر شهرًا عانى أبناء شعبي في غزة ويلات الحصار، وهم محتجزون داخل أكبر سجن في العالم، وقد أُغلقت عليهم الأرض والسماء، وجُوِّعوا وحُوصروا وحُرِموا من العلاج الطبي.
وما أن انتهت سياسة الموت البطيء حتى جاء القصف ولم يسلم شيءٌ من قصف الطائرات الصهيونية داخل هذا الجزء الصغير الذي يعدُّ أكثر الأماكن ازدحامًا بالسكان في العالم؛ فلم تنجُ مباني الحكومة والمنازل والمساجد والمستشفيات والمدارس والأسواق من حمم هذا القصف، وقد قُتِل ما يزيد عن 550 مواطنًا؛ بينما أصيب الآلاف بعاهات دائمة وما يقرب من ثلث هؤلاء هم من النساء والأطفال؛ الذين أُبيدت عائلاتُهم عن بكرة أبيها وهم نائمون في معظم الأحوال.
وقد فجَّر الكيان الصهيوني شلاَّلات الدم هذه تحت مختلف الحجج الواهية والأكاذيب؛ فقد التزمت حماس طوال الستة شهور الماضية بوقف إطلاق النار، وكان الكيان الصهيوني هو الذي خرقه منذ البداية عدة مرات، وقد كان من متطلبات وقف إطلاق النار أن يفتح الكيان المعابر، وأن تمتد التهدئة إلى الضفة الغربية، ولكنْ عوضًا عن ذلك فقد قام الكيان بإحكام الحصار على غزة وقطع إمدادات الكهرباء والماء بشكل متكرر، ولم يتوقف هذا العقاب الجماعي بل تسارع، كما توسع الكيان في عمليات الاغتيال والقتل، فقد قُتِلَ ثلاثون مواطنًا بنيران الكيان، بينما عانى مئات المرضى من آثار الحصار خلال ما سمِّي بالتهدئة، وبمعنى آخر فقد استمتع الكيان بالهدوء أثناء التهدئة، ولكن شعبنا لم يحظَ بأي راحة بال أو استقرار.
وعندما اقترب موعد انتهاء الهدنة أبدَينا استعدادَنا لعقد هدنة شاملة جديدة مقابل رفع الحصار وفتح كل معابر غزة؛ بما في ذلك رفح، ولكن نداءنا لم يلقَ آذانًا صاغيةً، ومع ذلك فنحن مستعدون أن نعقد هدنةً جديدةً وفق تلك الشروط بعد انسحاب القوات الصهيونية الغازية من قطاع غزة، ومع أن الصواريخ لم تطلق مثلاً من الضفة الغربية؛ إلا أن خمسين مواطنًا قُتلوا هناك، وأصيب المئات بجراح على يد الكيان الصهيوني، بينما تواصلت سياسته التوسعية، وكأنه يعتقد أنه كُتِبَ علينا قبول احتلال أراضينا وتقسيمها إلى كانتونات محاصرة من جميع الجهات.
وحقيقة الأمر أن الكيان الصهيوني يبحث عن وقف إطلاق نار من جانب واحد يطبِّقه أبناء شعبي فقط، ويحصلون مقابل ذلك على الحصار والتجويع والقصف والاغتيالات والتوغُّلات والاستيطان الاستعماري.. ما يريده الكيان هو وقف إطلاق نار مجاني.
إن منطق من يطالبوننا بوقف مقاومتنا سخيفٌ ولا قيمةَ له؛ فإنهم يُعفون المعتدي والمحتل المدجَّج بأكثر أسلحة الموت والدمار فتكًا من المسئولية، بينما يلقون باللائمة على الضحية وعلى السجين والرازح تحت الاحتلال.
إن صواريخنا البسيطة المصنَّعة يدويًّا هي بمثابة صرخة احتجاج نطلقها صوب العالم، فالكيان الصهيوني وأمريكا وداعموهما الأوروبيون يريدون منا أن نرحل عن هذه الدنيا دونما ضجيج، ولكننا لن نستسلم لهذا الموت الصامت، وعلينا أن نذكر أن ما تتعرَّض له غزة الآن من عدوان هو نفس ما لاقاه الزعيم الراحل ياسر عرفات؛ فعندما رفض الرضوخ لشروط الكيان تم سجنه في المقاطعة برام الله؛ حيث حاصرته الدبابات لمدة عامين وعندما لم تكسر كل هذه الإجراءات إرادته تم قتله عن طريق السم.
إن غزة تدخل العام 2009م كما فعلت في العام 2008م فهي في مرمى النار الصهيونية، ونذكر أنه في شهرَي كانون الثاني وشباط من العام الماضي قتل 140 مواطنًا من غزة نتيجة الضربات الجوية الصهيونية، وقبل أن يشرع الكيان في هجومه الفاشل على لبنان في شهر تموز 2006 أمطر سماء غزة بآلاف القنابل التي أودت بحياة 140 شخصًا، ومنذ مذبحة دير ياسين في عام 1948م حتى مذابح غزة اليوم فإن قائمة جرائم الكيان طويلة.. قد تتغير التبريرات ولكن الحقيقة واحدة.. استعمار استيطاني واضطهاد وفقدان دائم للعدالة.
إذا كان هذا هو العالم الحر الذي يدافع الكيان عن قيمه- كما تزعم وزيرة خارجية الكيان الصهيوني ليفني- فإننا لا نريد أن نكون جزءًا من هذا العالم.
من الواضح أن قادة الكيان الصهيوني يتخبطون في الفوضى، فهم عاجزون عن تحديد أهداف واضحة للاعتداءات، فقد تراوحت تبريراتهم بين إنهاء حكومة حماس المنتخبة شعبيًّا وتدمير بناها التحتية إلى إيقاف الصواريخ، وعندما فشلوا في كسر إرادة غزة خفَّضوا سقف توقعاتهم، والآن يتحدثون فقط عن إضعاف حماس والحد من قوة المقاومة، ولكنهم لن يحقِّقوا أيًّا من أهدافهم، فقد اتحد سكان غزة الآن أكثر من أي وقت مضى وعقدوا العزم على ألا يرهبهم العدوان أو يدفعهم للاستسلام.
وقد أوقع مقاتلونا المسلَّحون بعدالة قضيتهم خسائر بشرية عديدة في صفوف جيش الاحتلال وسيواصلون قتالهم ذودًا عن شعبهم وأرضهم؛ فلا شيء يستطيع أن ينال من تصميمنا على أن نصبح أحرارًا.
وقد لاحظنا أن واشنطن وأوروبا قد اختارتا مرةً أخرى أخذ جانب السجَّان والمحتلّ والمعتدي وإدانة الضحايا، وقد راودتنا آمال بأن باراك أوباما سيستطيع الفكاك من إرث جورج بوش الكارثي، ولكن بدايته ليست مشجعةً؛ فبينما تحرك بسرعة لإدانة الهجمات في مومباي فإنه لاذ بالصمت بعد عشرة أيام من المذبحة في غزة.
ولكن أفراد شعبنا ليسوا وحدهم؛ فقد وقف إلى جانبهم الملايين من محبي الحرية من الرجال والنساء في العالم، وساندوا نضالهم من أجل الحرية والحياة الكريمة، وما علينا إلا أن نشاهد المظاهرات اليومية ضد العدوان الصهيوني؛ ليس فقط في العالمين العربي والإسلامي ولكن على مستوى العالم كله.
لا يساورنا شك في أن الكيان الصهيوني سيُحدث خرابًا كبيرًا وقتلاً وترويعًا في غزة، ولكنه سيلقى نفس المصير الذي لقيه في لبنان، فإرادتنا لن تُكسر بالحصار والقصف، ولن نستسلم أبدًا للاحتلال.
طوال ثمانية عشر شهرًا عانى أبناء شعبي في غزة ويلات الحصار، وهم محتجزون داخل أكبر سجن في العالم، وقد أُغلقت عليهم الأرض والسماء، وجُوِّعوا وحُوصروا وحُرِموا من العلاج الطبي.
وما أن انتهت سياسة الموت البطيء حتى جاء القصف ولم يسلم شيءٌ من قصف الطائرات الصهيونية داخل هذا الجزء الصغير الذي يعدُّ أكثر الأماكن ازدحامًا بالسكان في العالم؛ فلم تنجُ مباني الحكومة والمنازل والمساجد والمستشفيات والمدارس والأسواق من حمم هذا القصف، وقد قُتِل ما يزيد عن 550 مواطنًا؛ بينما أصيب الآلاف بعاهات دائمة وما يقرب من ثلث هؤلاء هم من النساء والأطفال؛ الذين أُبيدت عائلاتُهم عن بكرة أبيها وهم نائمون في معظم الأحوال.
وقد فجَّر الكيان الصهيوني شلاَّلات الدم هذه تحت مختلف الحجج الواهية والأكاذيب؛ فقد التزمت حماس طوال الستة شهور الماضية بوقف إطلاق النار، وكان الكيان الصهيوني هو الذي خرقه منذ البداية عدة مرات، وقد كان من متطلبات وقف إطلاق النار أن يفتح الكيان المعابر، وأن تمتد التهدئة إلى الضفة الغربية، ولكنْ عوضًا عن ذلك فقد قام الكيان بإحكام الحصار على غزة وقطع إمدادات الكهرباء والماء بشكل متكرر، ولم يتوقف هذا العقاب الجماعي بل تسارع، كما توسع الكيان في عمليات الاغتيال والقتل، فقد قُتِلَ ثلاثون مواطنًا بنيران الكيان، بينما عانى مئات المرضى من آثار الحصار خلال ما سمِّي بالتهدئة، وبمعنى آخر فقد استمتع الكيان بالهدوء أثناء التهدئة، ولكن شعبنا لم يحظَ بأي راحة بال أو استقرار.
وعندما اقترب موعد انتهاء الهدنة أبدَينا استعدادَنا لعقد هدنة شاملة جديدة مقابل رفع الحصار وفتح كل معابر غزة؛ بما في ذلك رفح، ولكن نداءنا لم يلقَ آذانًا صاغيةً، ومع ذلك فنحن مستعدون أن نعقد هدنةً جديدةً وفق تلك الشروط بعد انسحاب القوات الصهيونية الغازية من قطاع غزة، ومع أن الصواريخ لم تطلق مثلاً من الضفة الغربية؛ إلا أن خمسين مواطنًا قُتلوا هناك، وأصيب المئات بجراح على يد الكيان الصهيوني، بينما تواصلت سياسته التوسعية، وكأنه يعتقد أنه كُتِبَ علينا قبول احتلال أراضينا وتقسيمها إلى كانتونات محاصرة من جميع الجهات.
وحقيقة الأمر أن الكيان الصهيوني يبحث عن وقف إطلاق نار من جانب واحد يطبِّقه أبناء شعبي فقط، ويحصلون مقابل ذلك على الحصار والتجويع والقصف والاغتيالات والتوغُّلات والاستيطان الاستعماري.. ما يريده الكيان هو وقف إطلاق نار مجاني.
إن منطق من يطالبوننا بوقف مقاومتنا سخيفٌ ولا قيمةَ له؛ فإنهم يُعفون المعتدي والمحتل المدجَّج بأكثر أسلحة الموت والدمار فتكًا من المسئولية، بينما يلقون باللائمة على الضحية وعلى السجين والرازح تحت الاحتلال.
إن صواريخنا البسيطة المصنَّعة يدويًّا هي بمثابة صرخة احتجاج نطلقها صوب العالم، فالكيان الصهيوني وأمريكا وداعموهما الأوروبيون يريدون منا أن نرحل عن هذه الدنيا دونما ضجيج، ولكننا لن نستسلم لهذا الموت الصامت، وعلينا أن نذكر أن ما تتعرَّض له غزة الآن من عدوان هو نفس ما لاقاه الزعيم الراحل ياسر عرفات؛ فعندما رفض الرضوخ لشروط الكيان تم سجنه في المقاطعة برام الله؛ حيث حاصرته الدبابات لمدة عامين وعندما لم تكسر كل هذه الإجراءات إرادته تم قتله عن طريق السم.
إن غزة تدخل العام 2009م كما فعلت في العام 2008م فهي في مرمى النار الصهيونية، ونذكر أنه في شهرَي كانون الثاني وشباط من العام الماضي قتل 140 مواطنًا من غزة نتيجة الضربات الجوية الصهيونية، وقبل أن يشرع الكيان في هجومه الفاشل على لبنان في شهر تموز 2006 أمطر سماء غزة بآلاف القنابل التي أودت بحياة 140 شخصًا، ومنذ مذبحة دير ياسين في عام 1948م حتى مذابح غزة اليوم فإن قائمة جرائم الكيان طويلة.. قد تتغير التبريرات ولكن الحقيقة واحدة.. استعمار استيطاني واضطهاد وفقدان دائم للعدالة.
إذا كان هذا هو العالم الحر الذي يدافع الكيان عن قيمه- كما تزعم وزيرة خارجية الكيان الصهيوني ليفني- فإننا لا نريد أن نكون جزءًا من هذا العالم.
من الواضح أن قادة الكيان الصهيوني يتخبطون في الفوضى، فهم عاجزون عن تحديد أهداف واضحة للاعتداءات، فقد تراوحت تبريراتهم بين إنهاء حكومة حماس المنتخبة شعبيًّا وتدمير بناها التحتية إلى إيقاف الصواريخ، وعندما فشلوا في كسر إرادة غزة خفَّضوا سقف توقعاتهم، والآن يتحدثون فقط عن إضعاف حماس والحد من قوة المقاومة، ولكنهم لن يحقِّقوا أيًّا من أهدافهم، فقد اتحد سكان غزة الآن أكثر من أي وقت مضى وعقدوا العزم على ألا يرهبهم العدوان أو يدفعهم للاستسلام.
وقد أوقع مقاتلونا المسلَّحون بعدالة قضيتهم خسائر بشرية عديدة في صفوف جيش الاحتلال وسيواصلون قتالهم ذودًا عن شعبهم وأرضهم؛ فلا شيء يستطيع أن ينال من تصميمنا على أن نصبح أحرارًا.
وقد لاحظنا أن واشنطن وأوروبا قد اختارتا مرةً أخرى أخذ جانب السجَّان والمحتلّ والمعتدي وإدانة الضحايا، وقد راودتنا آمال بأن باراك أوباما سيستطيع الفكاك من إرث جورج بوش الكارثي، ولكن بدايته ليست مشجعةً؛ فبينما تحرك بسرعة لإدانة الهجمات في مومباي فإنه لاذ بالصمت بعد عشرة أيام من المذبحة في غزة.
ولكن أفراد شعبنا ليسوا وحدهم؛ فقد وقف إلى جانبهم الملايين من محبي الحرية من الرجال والنساء في العالم، وساندوا نضالهم من أجل الحرية والحياة الكريمة، وما علينا إلا أن نشاهد المظاهرات اليومية ضد العدوان الصهيوني؛ ليس فقط في العالمين العربي والإسلامي ولكن على مستوى العالم كله.
لا يساورنا شك في أن الكيان الصهيوني سيُحدث خرابًا كبيرًا وقتلاً وترويعًا في غزة، ولكنه سيلقى نفس المصير الذي لقيه في لبنان، فإرادتنا لن تُكسر بالحصار والقصف، ولن نستسلم أبدًا للاحتلال.
الجمعة 18 فبراير 2011, 13:43 من طرف halima
» فهمي هويدي يكتب :عن مشكلة حماس
الجمعة 18 فبراير 2011, 13:27 من طرف halima
» ما الذي تستطيع فعله لكي تجاهد الكترونيا ؟
الخميس 15 يوليو 2010, 19:20 من طرف OmarDz
» حركة "حماس"
الخميس 15 يوليو 2010, 19:19 من طرف OmarDz
» صور الاعتداء على قافلة الحرية
السبت 05 يونيو 2010, 10:19 من طرف الصافي
» لذة العبادة
السبت 27 فبراير 2010, 23:39 من طرف يحيى الجزائري
» الفرق بين الامتحانين
الخميس 24 سبتمبر 2009, 23:08 من طرف يحيى الجزائري
» يا رَبْ سَاعدْني
الخميس 24 سبتمبر 2009, 22:56 من طرف يحيى الجزائري
» ان الله يحبك , كيف لا تحبه
الأربعاء 24 يونيو 2009, 00:32 من طرف معيوف6